يعد بيزنس تهريب الانفاق بين مصر وقطاع غزة من اكثر نشاطات التهريب الدولى خطورة على العاملين به لما يحيط به من مخاطر شديدة تصل للقتل والاصابة أوالسقوط فى ايدى رجال الامن المصرى.
وقد ارتبط التهريب عبر الانفاق بالدواعى السياسية لما تمثله الانفاق من اهمية كبيرة لدى ابناء قطاع غزة كونها المتنفس الوحيد لابناء القطاع للحصول على احتياجاتهم المعيشية عبر هذه الانفاق بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة وتحويل قطاع غزة الى اكبر سجن فى العالم من قبل الاحتلال الاسرائيليى وهو ما فرض على ابناء قطاع غزة الحصول على جميع احتياجاتهم من مصر خلال تهريبها عبر الانفاق.
وهناك اطراف عديدة من المصريين والفلسطينيين فى الجانبين تلعب ادوارا هامة فى عمليات التهريب عبر الانفاق برفح سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة وهو ما ربط عناصر عديدة مع بعضها حول عملية التهريب من افراد وتجار ومهربين وسائقين فى الجانبين الفلسطينى والمصرى.
البداية
يبدأ التهريب عبر الانفاق من الجانب الفلسطينى من خلال العديد من المهربين خاصة القاطنين مباشرة على الحدود الفلسطينية مع مصر فيقوم اصحاب هذه الانفاق بحفر النفق الواحد بداية من الجانب الفلسطينى ليصل بفتحة نفق اخرى على الجانب المصرى فى مدة حفر للنفق لا تزيد عن ستة اشهر بتكلفة مالية لا تقل عن مائة الف دولار امريكى.
ويستغل الفلسطينيون اصحاب الانفاق القاطنين على الحدود بيوتهم كستار للنفق المتواجد داخل منازلهم على الجانب الفلسطينى ثم يقومون بالاتفاق مع شريك لهم فى الجانب المصرى لكى يتولى مسئولية فتحة النفق بالجانب المصرى.
وتكون الانفاق اما داخل منزل الشريك المصرى او بجوار منزله ويتولى بنفسه ادارة عملية التهريب من الجانب المصرى بالاتصالات المحمولة بين المهربين على الجانبين.
تجهيزات خاصة للانفاق
ويتم تجهيز النفق بالاضاءة وفتحات التهوية والاجراس الداخلية التى تعمل بالاسلاك الكهربائية لاطلاق الاشارات بين المهربين داخل وخارج النفق.
ويشارك فى حفر النفق عمال متخصصون فى حفر الانفاق باستخدام معدات حديثة ويتبعون دائما فى ادائهم الحيطة والحذر.
وغالبا ما يكون الحفر ليلا كما ان طريقة تهريب البضائع عبر الانفاق تخضع لتنظيم يتم التدريب عليه.
وتهريب البضائع يتم عن طريق تجهيزها فى اجولة خاصة بالتهريب عبر الانفاق ويشترط ان يكون وزن الجوالى الواحد لايزيد عن 90 كجم ويتم سحبها داخل النفق عن طريق بكرات وحبال وقضبان حديدة صغيرة داخل النفق يجر عليها البضائع من الجانب المصرى حتى الجانب الفلسطينى.
ويقال ان الانفاق من الممكن ان توضع فيها مراوح للتهوية واضاءاة بخلاف فتحات الانفاق فوق الارض المخصصة لتهوية النفق.
كما ان الانفاق انواع واحجام تحت الارض فهناك نفق يزحف داخله المهربين واخر يمشى داخل النفق ولكن بشكل منحنى للامام بشدة.
ويبلغ طول النفق بين مصر وقطاع غزة 600 متر تقريبا وانفاق اخرى يصل طولها الى 1200 متر حسب بعد المسافة بين الجانبين على الحدود.
انابيب الاوكسجين للتنفس بحرية داخل النفق
وتكون فتحة النفق بالجانب المصرى معرضة بين الحين والاخر الى ضبطها عن طريق الاجهزة الامنية المصرية.
وفى حالة قيام الاجهزة الامنية المصرية باغلاق فتحات الانفاق التى يتم ضبطها بالجانب المصري سواء بتدمير فتحات الانفاق عن طريق تفجيرها او غلقها بالدبش والحجارة حسب موقعها فاذا ضبطت فتحات الانفاق بجوار مناطق مأهولة بالسكان فيتم تدمير النفق بغلقه بالحجارة والدبش وليس بالتفجير حرصا على سلامة الاهالى القاطنين بجوار هذه الانفاق المضبوطة.
وفى حالة تواجد فتحات الانفاق فى مناطق خلاء بعيدة عن السكان فيتم تفجير هذه الفتحات مما يتسبب فى انبعاث غازات ناجمة عن التفجير بالاضافة الى انعدام وجود غاز الاوكسجين داخل الانفاق من جراء التفجير الذى يحرق غاز الاوكسجين.
وتعرض هذه الطريقة المهربين الذين يحاولون نزول هذه الانفاق - لاحيائها او لجهلهم بغلقها - يتعرضون للاختناق.
لكن المهربون طوروا من ادائهم في الاونة الاخيرة وبدأوا يستخدمون انابيب الاوكسجين للتنفس بحرية داخل النفق خلال عملية اعادة تشغيل النفق المغلق حيث لايؤثر غلق وتفجير فتحة النفق فى جسد النفق بل يظل جسد النفق سليم بينما فتحته فقط هى التى تضررت بسبب تفجيرها من قبل الامن المصرى.
وبذلك يسهل على المهربين واصحاب الانفاق اعادة تشغيلها مرة اخرى بعمل تحويلة لجسد النفق للخروج بفتحة جديدة فى مكان اخر خاصة وان حفر هذه الانفاق تكبد اصحابها فى الجانب الفلسطينى مبالغ باهظة تفرض عليهم اعادة تشغيلها مرة اخرى بعد ضبطها من الجانب المصرى.
حماس تحصل الجمارك وتحظر المخدرات
وتراقب شرطة حماس هذه الانفاق من الجانب الفلسطينى لتسيطر على عمليات تهريب المخدرات.
وقد نجحت حماس بشكل كبير في فرض عدم تهريب المخدرات من خلال هذه الانفاق بينما تسمح حماس بعمليات التهريب.
وتقوم حماس بتحصيل مبالغ مالية لكل كمية بضاعة تصل من الجانب المصرى وتسميها حماس رسوم جمركية لتحصيل جمارك على البضائع المهربة عبر الانفاق كونها منفذ لدولة اخرى.
وتراقب حماس الانفاق من خلال وجود افراد امن تابعين لها عند كل فتحة نفق بالجانب الفلسطينى.
وغالبا مايهتم المهربين باخراج فتحات الانفاق بالجانب المصرى فى اماكن مهجورة كمحطات الوقود المهجورة او المحال التجارية المغلقة المتواجدة باماكن قريبة من الحدود والمنازل الحدودية برفح المغلقة واصحابها خارج البلاد.
ووصل بفكر المهربين بان يخرجوا بفتحات الانفاق داخل المدارس المتواجدة بالقرب من الحدود المصرية برفح مع قطاع غزة خاصة فى فترات الاجازة الدراسية.
وقد سبق للامن المصرى العثور على انفاق داخل افنية هذه المدارس.
كما يجب ان يتوافر وجود اشخاص اخرى هامة تلعب دورا محوريا فى عمليات التهريب وهم التجار الممولون لعمليات التهريب فى الجانبين والذين يديرون عمليات نقل الاموال وهم منتشرون على جانبى الحدود سواء فى قطاع غزة او على الجانب المصرى.
ويتفقون على مواعيد تهريب البضائع والاسعار ويتم ذلك عن طريق الاتصالات الهاتفية والتحويلات البنكية فى وجود وسطاء يضمنون نجاح عمليات التهريب بين الجانبين دون وقوع تلاعب بينهم ويطلق عليهم عصابات التهريب عبر الانفاق والتى تعمل خاصة فى الجانب المصرى بشكل منظم.
رواج اقتصادي في المدن المصرية
وينعكس ذلك على المناخ الاقتصادى العام بمنطقة رفح المصرية وكذلك مدينتى العريش والشيخ زويد والتى تشهد اسواقها رواجا تجاريا كبيرا بسبب اقبال المهربين الفلسطينيين على اقرب الاسواق المصرية للحدود مع قطاع غزة وهى اسواق مدن رفح والشيخ زويد والعريش.
ويتلاحط نشاط نقل البضائع المصرية من جميع محافظات مصر باتجاة شمال سيناء ومنها تحمل البضائع المختلفة على سيارات باتجاه مدينة رفح المصرية.
ومن هذه البضائع الاقمشة التي تصل فى النهاية الى مصانع غزة المتخصصة فى انتاج الملابس وكذلك الدراجات التى تفكك الى اجزاء خلال عملية تهريبها عبر الانفاق وكذلك قطع غيار السيارات والحاسب الالى والملابس ولعب الاطفال واجهزة المحمول والادوية والوقود.
ونجد المحال التجارية فى مدن العريش ورفح والشيخ زويد تعرض فى محلاتها المئات من الدراجات البخارية التى تصل سعر الواحدة منها بعد تهريبها عبر الانفاق الى غزة حوالى 2000 دولار علما بان سعرها فى الجانب المصرى فاقل من الف دولار.
وتفاجأ الاجهزة الامنية المصرية والمواطنين فى مدينتى رفح والشيخ زويد بظهور ثراء فاحش لدى بعض السائقين وبعض اصحاب المحال التجارية خاصة بعض اصحاب السيارات النصف نقل والتى يستخدمها اصحابها فى نقل البضائع وتوصيلها حتى فتحة النفق فى الجانب المصرى وتفرغ حمولتها من البضائع عند فتحات الانفاق وكذلك اصحاب المحال التجارية الذين يتداولون بيع بضائعهم بشكل متواصل ومكثف بسبب تخصيص جزء كبير منها لتهريبها عبر الانفاق عن طريق المهربين.
تغير اللهجة الامريكية الاسرائيلية
وعلى صعيد اخر وفى ضوء نجاح الاجهزة الامنية المصرية فى السيطرة بشكل كبير على ظاهرة التهريب عبر الانفاق وتغير كبير فى لهجة اسرائيل وامريكا المتشددة تجاه مصر بسبب التهريب عبر الانفاق بعد ان نجحت مصر فى ضبط الاوضاع الامنية على الحدود مع قطاع غزة على جميع المحاور وفق التقارير الاسرائيلية والامريكية الاخيرة.
وهذا ما اقرته تقارير الوفود الامريكية الدبلوماسية والعسكرية زكان اخرها زيارة السفيرة الامريكية مارجريت سكوبى لمنطقة الحدود برفح واشادت جميع الزيارات الامريكية والاوروبية الرسمية للحدود برفح بمدى كفاءة الامن المصرى على الحدود.
وتبدلت لهجة الاتهام الامريكى والاسرائيلى للامن المصري بالتقصير على الحدود مع قطاع غزة.
كما أثنت كثيرا على جهود مصر فى سيطرتها على ظاهرة التهريب عبر الانفاق وهو مادفع الجانب الامريكى لتسليم مصر اجهزة ومعدات ذات تقنيات حديثة لمراقبة الانفاق على الجانب المصرى.
وتم تركيب هذه الاجهزة والمعدات وتدخل فى حيز العمل بشكل فعلى خلال الفترات القادمة علما حسب مصدر امنى مصرى بان اداء قوات الامن المصرى الذاتى على الحدود مع قطاع غزة امهر واسرع بكثير فى الوصول للانفاق وضبطها من الاعتماد على الاجهزة الامريكية الحديثة.